آفاق العلاقات بين قطر وكازاخستان

بقلم: أحمد عبده طرابيك

تكتسب العلاقات بين كازاخستان وقطر أهمية كبيرة للبلدين يوماً يعد يوم، والتي ترتكز علي أسس راسخة للدبلوماسية الحكيمة التي ينتهجها كلا البلدين، حيث تسعي كل منهما لأن تكون قوة فاعلة ونشطة في محيطها الإقليمي بما تملكه كل دولة من مقومات وعوامل تؤهلها لأن تكون لاعب فاعل في السلام الإقليمي، سواء من خلال موارد الطاقة، أو المبادرات الدبلوماسية الإقليمية والدولية، خاصة وأن قرار تطوير العلاقات بين البلدين يأتي ضمن الثوابت الرئيسية في السياسة الخارجية لكل من قطر وكازاخستان.

كانت دولة قطر من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال جمهورية بعد استقلالها عن الإتحاد السوفيتي عام 1991، وتم إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في الأول من يوليو 1993، وافتتحت كازاخستان سفارتها في الدوحة في مايو 2007، بينما افتتحت قطر سفارتها في أستانا “نورسلطان حالياً”، في مايو 2008، ومنذ ذلك التاريخ بدأت مرحلة جديدة في تاريخ العلاقات بين البلدين.

تفتح الزيارات المتبادلة بين كازاخستان وقطر الأبواب علي مصراعيها لتوطيد العلاقات بين الجانبين، وخاصة عندما تكون العلاقات علي أعلي مستويات القيادة، حيث تعطي تلك الزيارات الأضواء لكافة القطاعات في كل جانب بالإنفتاح علي الجانب الآخر، كما تمنح الثقة للقطاع الخاص والمستثمرين ورجال الأعمال علي العمل بجد لتبادل المشروعات والإستثمارات، وزيادة الأعمال التجارية، لذلك حرص البلدين علي تبادل الزيارات علي مختلف المستويات، وكان علي رأسها. الزيارة التي قام بها الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلي كازاخستان في 20 أبريل 1999، حيث تم خلال الزيارة مناقشة مشاركة الجانب القطري في بناء العاصمة الجديدة أستانا، وقدمت قطر منحة بلغت قيمتها 6.8 مليون دولار لبناء المركز الإسلامي في أستانا، والذي تم الإنتهاء منه في 22 مارس 2005، والذي يعد منارة إسلامية في منطقة آسيا الوسطي.

كما قام قام الأمير تميم بن حمد آل ثاني بزيارة كازاخستان في 20 يناير 2014، وتم خلال الزيارة التوقيع على اتفاقية بين البلدين بشأن تجنب الإزدواج الضريبي ومنع التهرب المالي فيما يتعلق بالضرائب على الدخل، واتفاقية للتعاون بين قطر للتعدين والشركة الوطنية للتعدين “تاوكين- سامروك”، ومذكرة تفاهم بين جهاز قطر للإستثمار وصندوق سامروك السيادي للرخاء الوطني.

ثم جاءت زيارة الرئيس الأول نور سلطان نزارباييف رئيس كازاخستان إلي الدوحة في 25 أكتوبر 2015 ، والتي عملت علي تأكيد روابط العلاقات بين البلدين، حيث عقد علي هامشها اللجنة العليا المشتركة بين البلدين يومي 18 و19 أكتوبر 2015، برئاسة وزيري الإقتصاد بالبلدين، حيث تم التوقيع علي سبع إتقاقيات بحضور الأمير تميم بن حمد، أمير قطر، و الرئيس الأول لكازخستان نورسلطان نزاربايف، خلال زيارته لدولة قطر، شملت الإتفاقيات مجال إعفاء حملة الجوازات الدبلوماسية من التأشيرة، والتعاون في مجال الثقافة والسياحة وتبادل المعلومات بين وكالة أنباء كازانفورم ووكالة الأنباء القطرية ومذكرة تفاهم بين المصرف الوطني لجمهورية كازاخستان ومصرف قطر المركزي ومذكرة بين المصرف الوطني لكازاخستان ومركز قطر للمال، واتفاقية بين الشركة القابضة الوطنية في جمهورية كازاخستان وجهاز قطر للاستثمار.

تهتم قطر كثيراً بالإسهام الكبير لكازاخستان في الحضارة الإسلامية، لذلك تحرص دائما علي وجود برامج ثقافية عن المجتمع الكازاخستاني من خلال ترتيب انعقاد الأيام الثقافية في الدوحة وإقامة علاقات مباشرة بين وزارتي الثقافة في البلدين. كما عمل تدشين خط الطيران المباشر بين كازاخستان وقطر علي زيادة عدد المواطنين القطريين في السفر إلي كازاخستان بغرض السياحة والإستثمار، خاصة أن كازاخستان لديها فرصاً واعدة للإستثمار السياحي.

تعتبر اللجنة الحكومية المشتركة الكازاخستانية القطرية الآلية الهامة لتطوير وتوسيع التعاون بين البلدين في مختلف المجالات الإقتصادية والتجارية والثقافية، ولذلك يحرص الجانبان علي تطوير واستمرار عمل اللجنة الحكومية المشتركة، والتي كان آخرها الدورة الخامسة للجنة العليا القطرية الكازاخستانية المشتركة التي عقدت في العاصمة نور سلطان في 14 فبراير 2020، على مدى يومين برئاسة كل من علي بن أحمد الكواري وزير التجارة والصناعة، ورسلان دالينوف وزير الإقتصاد الوطني بجمهورية كازاخستان، حيث ناقش الجانبان التقدم الذي تم إحرازه في توصيات اللجنة الرابعة التي عقدت في الدوحة عام 2015، إلى جانب استعراض المشاريع الحالية وخطط توسيعها، وسبل تذليل العقبات التي تواجهها، كما تطرقت اللجنة إلى الموضوعات المتعلقة بتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، بما في ذلك التجارة والإستثمار والصناعة والزراعة والصحة والتعليم والبنية التحتية والطاقة، وتفعيل الإتفاقية الخاصة بإنشاء مجلس رجال أعمال مشترك والموقعة في عام 2008 لتوسيع آفاق التعاون الاستثماري وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، وكذلك تفعيل وتحديث الإتفاقيات القائمة ومن بينها اتفاقية حماية وتشجيع الإستثمارات المتبادلة ومذكرة التفاهم حول النقل الجوي التي تم إبرامها بين الجانبين في 7 نوفمبر 2019 بهدف تشغيل عدد محدد من رحلات الركاب والشحن بما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون في المجال السياحي.

يبدو أن كازاخستان وقطر يسعيان بجهد وافر للإستمرار في تطوير العلاقات بينهما، في ظل جود سفراء في كل من الدوحة ونورسلطان يعملان بنشاط علي تأكيد تلك الخطوات، حيث يعد السفير أرمان إيساغالييف، سفير كازاخستان بالدوحة من السفراء الذين يتمتعون بخبرات طويلة في العمل الدبلوماسي من خلال عمله في عدد من المواقع سواء في وزارة الخارجية الكازاخية أو في البعثات الدبلوماسية في الخارج، حيث لديه خبرات كبيرة بالمنطقة العربية، خاصة وأنه كان يعمل سفيراً لبلاده في القاهرة قبل عمله في الدوحة، ويتمتع بكاريزما في التعامل مع مختلف الملفات الإقتصادية والسياسية والثقافية، خاصة وأنه يجيد الحديث باللغة العربية كأهلها. كما أن السفير عبد العزيز بن سلطان جاسم ماجد الرميحي سفير قطر في نورسلطان لديه الكثير من الخبرات من خلال المواقع العديدة التي عمل بها في وزارة الخارجية القطرية، وفي بعثات بلاده الدبلوماسية في السفارة القطرية في كل من بروكسل وبكين وباريس، وسفيرا لبلاده في أديس أبابا. ومن ثم فإن البلدين يؤكدان علي رغبتهما في تطوير العلاقات في مختلف المجالات السياسية والإقتصادية والثقافية، بما يحقق مصلحة الشعبين الشقيقين والمضي في طريق التقارب والتعاون.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى