السفير د.جيلبير المجبِّر يكتب لموقع “أخبار السفارات” عن ” الأزمة الرئاسية “

من المؤسف أن يشهد لبنان منذ العام 2019 أزمات سياسية – إقتصادية – مالية – إجتماعية حادة تتفاقم يومًا بعد يوم ويتزامن هذا الأمر مع خلاف سياسي حاد على موقع رئاسة الجمهورية بين القوى السياسية الحالية وعلى ما يبدو هذا الخلاف ليس على مصلحة وأولوية حل الأزمات بل خلاف شخصي “مصلحجي “بين المكونات السياسية الحالية.وفقًا لما يرد لدائرتنا الباريسية وإستنادًا لتقارير دبلوماسية وأيضًا لتقرير مفصل يصل أيضًا لدائرتنا من دوائر مكاتبنا اللبنانية كلها تشير إلى أنّ الأزمة الرئاسية في لبنان بدأت مع قرب إنتهاء ولاية الرئيس عون نظرًا إلى أنّ هذا الأخير وضمن فريق سياسي معروف التوّجه يحاولان إيصال مرشح يُكمل مسيرة ما بدأه العماد عون من تنازلات على مستوى السيادة الوطنية وضرب مؤسسات الدولة والدليل إنّ من ينظر للأحداث التي رافقت ولايته سيلاحظ هذا الكم من الإنهيارات وعلى كافة المستويات. إنّ ما يصل إلينا من معلومات يشي بأنّ السياسيين يتجاهلون تعهداتهم ووعودهم بحل الأزمة في لبنان ويتغاضى عن هذا الأمر رجال الدين حيث عجزوا عن حسم أزمة الفراغ الرئاسي كما عجزوا عن مقاربة الأوضاع في البلاد وتأثيرها على مسار الأمور والمؤسف أنهم يكتفون بلقاءات لا قيمة لها والدليل هشاشة الأوضاع وكثرت الكلام الفارغ . إنّ الوضع القائم في لبنان خطير جدًا بعدما عجزت الأطراف السياسية العلمانية والروحية عن إيجاد مخرج لائق للأزمة المستفحلة والتي تتجلى في ترّدي الأوضاع مع تزايد حالات الفقر والبطالة وتردي الخدمات العامة ، إضافة إلى أنّ الفراغ الرئاسي يتسبب في تعطيل الحياة السياسية والإقتصادية والمالية والإجتماعية في البلد . إنّ المطلوب إعتراف هؤلاء القادة زمنيين وروحيين بعجزهم وترك الشرفاء العمل بجد لتجاوز هذا الفراغ الرئاسي السياسي الذي طال وخلفيته شخصية لا وطنية .
• الأزمة الإقتصادية : يتعرض لبنان منذ سنوات لأزمات متفاقمة إقتصادية مالية خطيرة وهي على وجه التحديد مسؤولية من توالوا على السلطة بطرق غير ديمقراطية ، وبالتالي إنّ الأزمات تتفاقم ، ونطرح في مناسبة الإجتماع الشهري الدوري عدة أسئلة على ما باتوا يُعرفون “بالمسؤولين اللبنانيين”، عن كل التطورات والأحداث التي تنذر بمزيد من الخطر وتدهور الأوضاع بما فيها الأوضاع السياسية – الأمنية – الإقتصادية – المعيشية ، فهل الساسة اللبنانيون يدركون هذه المخاطر؟ وما هو مدى إستعدادهم للتعامل معها ؟ الجواب بشكل أكيد لا إدراك ولا إستعداد للتعامل مع تلك الأحداث ، وهنا تكمن المصيبة حيث يعاني أغلبية الشعب اللبناني من الخطر وأغلبيته عاجز عن تأمين حقوقه الإجتماعية والإقتصادية وسط أزمة متشعبة ومتفاقمة ولم تعد الأسَرْ بإستطاعتها تحمل وزر هذه المصائب بينما ينبغي على القادة السياسيين والروحيين إتخاذ إجراءات عاجلة للإستثمار في نظام حماية إجتماعية قائم على الحقوق ويضمن مستوى معيشي لائق للشعب اللبناني.إنّ ما يظهر حاليًا من معالجات يؤشر إلى أنّ الأمورتتجه نحو الإنحدار وتقاذف الإتهامات وبات الأمر يستدعي إستنفارًا محليًا وخارجيًا لرأب الصدع.
• الثورة : بعد كل هذه الحالات الممارسة من قبل السلطة القائمة والتي تتضمن السرقة والتنكيل بالشرفاء يظن المسؤولون اللبنانيون أنهم سينتصرون على الشعب وإقتلاع حرية هذا الشعب من جذوره ، حتى الثورة طمسوها وإغتصبوها ومسحت معالمها بتسكير الطرق وإحراق المحال التجارية وتصوير الثوار على أنهم إرهابيون . إزاء ما هو حاصل اليوم من المفترض تنظيم الصفوف والمنطق يقول أنّ كل ثورة يكون لها قيادة في الداخل والخارج يعبرون عنها ويعملون لأجل مبادئها وبالتالي على الشعب اللبناني كسر حاجز الخوف وعليه أن يخرج منظما تحت شعار ” الشعب اللبناني يريد أن يتحرر من ظُلم القادة”. إنّ الوضع في لبنان أخذ مسارًا مختلفًا عن الأوضاع في كل البلدان المجاورة ،المطلوب قيام “ثورة خاطفة” يكون دورها العمل بروية وصبر وإعادة بناء الدولة على ركائز الديمقراطية وإحالة كل المسؤولين إلى القضاء ليبنى على الشيء مقتضاه.

كاتب المقال : السفير الدكتور جيلبير المجبِّرْ كاتب ومحلل سياسي لبنانى

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

زر الذهاب إلى الأعلى