الدكتور عبدالحكيم القرالة يكتب … “وأد الشرعية الدولية”

بقلم الدكتور: عبدالحكيم القرالة

الواقع المؤلم الذي لا يختلف عليه إثنان أن ما يجري في قطاع غزة من مجازر وجرائم حرب وإبادة تطهير عنصري بحق الاشقاء الفلسطينيين من المدنيين العزل؛ مخالف لكافة القوانين والأعراف والمواثيق الدولية وانتهاك جسيم للقيم الأخلاقية والإنسانية .

قتل وتدمير وتهجير ممنهج أدواته آلة حرب مجرمة تفتك بكل شيء ينبض بالحياة بلا رحمة وبلا هوادة تستخدم فيها اشد واخطر الاسلحة فتكاً دون أدنى شرعية او اخلاق او انسانية وعلى مرأى ومسمع المجتمع الدولي بمختلف اطرافه حتى أضحت غزة مكان غير قابل للحياة .

ما يجري على أرض غزة من استهداف للمدنيين والأعيان المدنية من مساجد وكنائس ومدارس ومستشفيات انتهاك فاضح للقانون الدولي الانساني وإتفاقيات جنيف الاربعة والبروتوكلين الاضافيين غير ان ذلك لم يمنع آلة الفتك العسكرية من الاستمراء في جنونها واجرامها بحق الاشقاء الفلسطيينين .

منذ شهور ومنذ بدء هذه العدوان الهمجي والبربري على الاشقاء في غزة والتساؤل المشرع الذي يطرح ذاته بقوة أين الشرعية الدولية من كل هذه الانتهاكات؟والاجابة حاضرة على الفور انها غائبة وسقطت في امتحان غزة في ظل السكوت على ما يجري من جرائم حرب متعددة الاشكال والالوان.

الحقيقة المؤلمة ان كل ما يجري يوثق انهيار النظام الدولي المبني على القواعد في ظل عدم اتخاذ اجراءات وعقوبات بحق الة الاحتلال العسكرية لقاء الفظائع التي ترتكبها بحق الفلسطينيين ما وجه ضربة قاصمة للشرعية الدولية والقوانين الدولية الناظمة ما مثل ندبة في وجهها .

الواقع يقول أن القوى الفاعلة في النظام الدولي وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية شكلت غطاء وشرعية لكل هذا الاجرام عبر دعم لامحدود ولا متناهي لآلة الحرب الاسرائيلية وغطاء سياسي ودعما منقطع النظير وبالتوازي مظلة قانونية شرعنت هذا الاجرام داخل أروقة مجلس الامن بوجود الفيتو الذي منح رخصة لقتل الفلسطينيين .

كل هذه الاحداث كشفت هشاشة النظام الدولي بصورته الأحادية القطبية والتفرد الامريكي وتعيدنا الى الاصوات والمطالبات القديمة الجديدة والمتجددة بضرورة اصلاح هيئة الامم المتحدة بالعموم ومجلس الامن على وجه الخصوص للقيادم بادوراهما في حفظ السلم والامن الدوليين بكل كفاءة واقتدار كما ينص الميثاق الأممي .

تحفظات كبيرة على سياسة الإنتقائية والكيل بمكيالين التي تنتهجها الشرعية بأطرافها وقوانينها ومواثيقها فنراها تنتفض وتقوم بأدوارها المهمة والسامية تجاه صراع أو ازمة معينة وتغض بصرها وتصم آذانها عن انتهاكات سافرة وجسيمة في ازمات اخرى وما يحدث في غزة إنموذجاً حياً يجسد غياب العدالة الدولية .

خلاصة القول،،في ظل هذا الغياب الممنهج للشرعية الدولية وفاعليتها في اطفاء الأزمات والصراعات وصولاً لحماية حقوق الانسان من أية انتهاكات وحفظ حقوقة كسبيل وحيد للمهمة الأسمى صون السلم والامن الدوليين سيعيدنا التاريخ الى شريعة غاب دولية يتسيد فيها حق القوة ومنطق المصلحة المشهد الدولي وبالتالي مزيداً من دوامات العنف الذي سيلقي بظلاله السلبية وأكلافه الباهظة على الجميع…

كاتب المقال : أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة العلوم التطبيقية/الأردن

 hakeem_garalleh@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

زر الذهاب إلى الأعلى