الاعلامي حسام الغمرى يكتب..‏ وانتصر الرئيس

أعلمُ أني لا استحق أن أشارك الحفل التاريخي التي تنتظره مصر يوم الثلاثاء القادم حين يُرفرف عَلَمُها على أضخمِ ساري مؤذنا ببدء جمهوريتها الجديدة وانتقال عاصمتها للمرة الأولى منذ أكثر من ألف عام ، ولكن شيئاً لن يمنعني من الفرحة الكاملة التي ستغمرني وأنا أتابع وطني يحقق ما تمنيته له ، أو بتعبيرٍ أدق ، يقف على أعتاب تحقيق ما تمنيته له .

فحتى الأمس القريب كنت من أشد المعارضين للرئيس ، وداعم رئيسي لأي دعوات للتظاهر ، وذهبت في ذلك لأبعد مدى ممكن ، بعنادٍ وتحدي لذا أستطيع أن أزعم أنني أقف في زاوية خاصة تمكنني من الرؤية المختلفة ، كما لا تنقصني الشجاعة كي أقول ، لقد انتصر الرئيس

تساعدني على الرؤية المختلفة أني أنفقتُ سنوات عمري كي أحمل التاريخ كله منذ عصر الملك مينا موحد القطرين حتى اللحظة التي سيُرفرف فيها علم الجمهورية الجديدة بإذن الله ، وأعلم جيداً أن التاريخ لا يكتب في صفحاته سعر كيلو السكر أو زجاجة الزيت ، بل يكتب فقط عن التحولات الكبرى في عمر الأمم والرئيس امتلك جرأة إحداث ذلك

بحكم عملي كنت أتابع كل كلمةٍ يقولها الرئيس ، وكل مشروع يفتتحه ، وكنت واحد من المعنيين بتقليص الحاضنة الشعبية التي تدعمه ، وأثناء هذه الرحلة كنت اتابع باهتمام جميع خطواته من تحديث للجيش المصري بصورة غير مسبوقة منذ عام 1955 ، ولم أملك إلا أن أعترف على الهواء من قلب قنوات المعارضة أن هذا يُسعدني ، لإدراكي بمدى وحشية العالم الذي فيه نعيش ، فهو عالم لا يفهم إلا لغة القوة فقط ، كما وجدته رجلاً يتحرك في كل الإتجاهات مرة واحدة وبسرعة قياسية ، من قيادة حرب شرسة ضد الإرهاب ، مع تحديث حقيقي للبنية التحتية ، من إحياء لتوشكى وصولاً إلى تحديث وتفعيل لمنطقة ربما لم يسمع عنها كثير من المصريين وهي منطقة جرجوب ، من أخبارٍ عن صناعة عسكرية تنتعش وقواعد عسكرية تُبني في الإتجاهات الإستراتيجية الرئيسية ، إلى محطات لتحلية المياة واعادة استخدام لمياة الصرف ، من استغلال للرمال السوداء والبيضاء وصراع مع العشوائيات ، إلى بناء مفاعل الضبعة ، الذي كان من أهم أسباب مراجعاتي لأني واجهت نفسي بصراحة قائلا : مستحيل أن يكون الرجل غير مخلصٍ لوطنه وهو يحقق الحلم النووي الذي تباطأ في تحقيقه من سبقوه

من أفضل العبارات التي تصدر عن الإعلام الآن عبارة ” تصحيح بعض المسارات ” وهي عبارة شجاعة لا تصدر إلا عن شخصٍ بات واثقاً في ما أنجزه .

لقد تعلمت من مقدمة ابن خلدون أن غاية الحضارة هي نشر العمران ، فقلت لنفسي ذات مرة : ان الرجل يبني حضارة جديدة على أرض مصر ، وهل يصح أن يتمنى عاشقٌ لوطنه غير ذلك إن كنا بالفعل كذلك .

لقد قال الرئيس يوما ” أنا مش بتاع سياسة ” والآن أعرف ان حقيقة الرجل عكس ذلك تماما ، فما كان ليصل لهذا اليوم إلا لو كان سياسياً بارعاً ، أدار كل ملفات مصر الداخلية والخارجية بحرفية نادرة ، فأشد حضومه الدوليين جائوا إليه وفق شروطه الكاملة ، وأوروبا تخلت عن خيلائها ووقعت معه اتفاقية شراكة استراتيجية بعدما أوفدت إليه ستة من زعمائها ، وعلاقته مع روسيا والصين ممتازة ، بل لقد أسمع وزير خارجية الإمبراطورية الأعظم درساً في التاريخ على الهواء مباشرة بصورة أذهلتني شخصياً لأني لم أجد مثيلاً لها في التاريخ الحديث ، علاقاتنا العربية ممتازة في مجملها والأفريقية تم بعثها من جديد وننتظر المزيد .

الرئيس انتصر للدرجة التي جعلت خصومه الآن يبدون كالمهرجين أمامه وقد تجاوزتهم المرحلة ، وهذا هو الفارق الطبيعي بين من يبني ويُعمر ويؤسس وبين من ينشر الصياح والسباب عبر السوشيال ميديا والفضائيات ، والأرض لا تعمرها البلاغة ولا الفصاحة ولا حتى أبيات الشعر بل تتجمل وتتزين بالعمل الدؤوب .

وإن من عزم والرجل وحصافته أن يُشير إلى المنتصر ويقول : لقد انتصرت ، ومن حصافته أيضاً أن يعترف بالهزيمةِ ولا يُكابر ، فالدنيا لا تُحكم إلا بقانون الفائز والمهزوم ، والنصر لا يتحقق من عند الله إلا بعمل المنتصرين ، وما كان لمنتصر أن يُهزم أبداً كما لا تعود عقارب الساعة إلى الوراء ، وما كان لمهزوم أن ينتصر أبداً كالشمس لا ينبغي لها أن تُدرك القمر ، والرائع أن انتصار الرئيس يكون بطعم الوطن ، والهزيمة لا تؤلم ان كانت في النهاية لصالح الوطن ، هكذا يفهم الشرفاء .

ولو سمح لي فخامة الرئيس أن أنصحه بشيء فهو ألا يسمح للكبر والغرور أن يقترب منه ، فما من رجل يُنجز مثل ما أنجزته إلا وراوده الكبر عن نفسه ، وأن يُكثر من ذكر الله في خطاباته العلنية كعادته الحميدة ، وأن يعود بالفضل كل الفضل إليه سبحانه ، وأن يسبق عفوه غضبه مع كل من يستحق العفو ، وأن يسمو تسامحه على انتقامه ، وأن يؤسس مصر سياسياً كما حدثها عمرانياً ، أن يضرب الفساد بقوة كما ضرب الإرهاب ليكون بحق هو رجل الأقدار ، أما التحدي الأكبر الذي يواجهه هو ما أعلنه بنفسه من استراتيجية بناء الإنسان ، فجميعنا في حاجة واشتياق للمصري الجديد الذي يستحق أن يعيش في الجمهورية الجديدة وريثة الحضارة .

فخامة الرئيس

شاء من شاء وأبى من أبى سيذكر التاريخ أن مصر باتت تحكم من عاصمة جديدة مطورة بداية من عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي ، ولن يذكر مئات الآلاف من التغريدات التي هاجمتك ودعت الشعب للثورة عليك ولي شخصيا منها حظ وافر ، ولكن هذا ليس كل شيء ، فالسفينة مازالت محاطة بالحرائق المشتعلة في كل مكان ، كما أن تتمة الأعمال لا تقل صعوبة عن بداياتها ، وهناك دائما من يخطط للهجمة المرتدة كما يخبرنا كتاب التاريخ ، ونحن بحاجةٍ ماسة إلى السعي الجاد لتوحيد جبهتنا الداخلية كما أعلنت أنت بنفسك في يوليو الماضي .

وختاماً ..

اسأل الله صادقا أن يُلهمك عمل أهل الجنة وحسن الختام فبصلاح الراعي تصلح الرعية أيها الرئيس المنتصر . وسبحان من يقلب القلوب ويغير ولا يتغير وهو من وراء القصد ومنه الرشاد

كاتب المقال : كاتب واعلامى مقدم برنامج رؤية على قناة TeN الفضائية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

زر الذهاب إلى الأعلى