الرئيسيةمساحة رأى

د. وليد جاب الله يكتب …عن الألقاب والنواب

المُبجل، وصاحب التبجيل، والمُبجل عند الإله، وغيرها من الألقاب التي عرفتها مصر الفرعونية، وفي مصر الإسلامية برزت ألقاب مثل شيخ الإسلام، وحُجة الإسلام، إلى أن ظهر لقب “الحاج” لمن حج بيت الله الحرام، وفي مصر الملكية امتدت الألقاب العُثمانية مثل الباشا، والبك، والأفندي، وكان عمل الخير، وتقديم ما يفيد الوطن من أسس منح تلك الألقاب قبل أن يطال الفساد آليات منحها قُبيل ثورة يوليو 1952 التي ألغت الألقاب بداعي المُساواة، ولأن هذا المنع يُخالف الطبيعة المصرية فقد عادت الألقاب بصورة عشوائية في مُنتصف السبعينات مثل أن يُطلق على الحرفي لقب باشمهندس، و يمنح كل شخص لقب بك، أو باشا لأخر كنوع من التكريم أو التقرب، ولكن هذا المنح غير الرسمي لم يُشبع المُتعطشين للألقاب، فظهرت حالياً جمعيات، ومكاتب، وكيانات غير رسميه تُقيم الحفلات لتمنح فيها ألقاب مثل سفير السلام، ومبعوث الضمير، ودكتور فخري، وغيرها مُقابل ثمن يدفعه لتلك الكيانات الراغب في اللقب.

إلا أن ذلك لم يُشبع حاجة البعض (خصوصاً ميسوري الحال) للقب يُكسبه مكانة اجتماعيه حقيقية، وبدا دخول البرلمان لاكتساب لقب نائب هو الطريق الرسمي للقب وقيمه تتوارثها زُريه من يصير نائباً.

فالمؤكد أن كثرة المُرشحين للمجالس النيابية ليس دافعه التعطش للمساهمة في العملية التشريعية، ولا يدفع أغنياء المُرشحين الملايين للإنفاق على الحملات الانتخابية حرصاً على خدمة الناس مُنشغلين بها عن خدمة أنفسهم وأسرهم. كما أن المُخصصات التي يُمكن أن يحصل عليها النائب لا توازي نفقات العملية الانتخابية، ومُتطلبات العمل النيابي (مهما اعتقد البعض غير ذلك)، فضلاً عن أن المُرشح الغني نجح في الوصول للثراء قبل أن يُفكر في الترشح، وحتى الحصانة هي حماية نسبية مؤقته ستزول وينكشف المُحتمي بها يوماً ما. وهكذا فإنه مع وجود أسباب أخرى للترشح مثل حُب الظهور، وتفتيت الأصوات لصالح مُرشح أخر وغير ذلك يظل السبب الرئيسي لاستهداف لقب النائب هو اللقب ذاته، وما وراؤه من مكانة اجتماعية يُريد النائب الحفاظ عليها كموروث عائلي، ويُريدها آخر لاكتساب القيمة بعد أن نجح في اكتساب المال.

وهكذا فإنه لن تُجدي أيه مُحاولات لإثناء أصحاب الأموال عن الوصول لهذا الهدف إلا من خلال فتح أبواب جديدة لاكتساب القيمة أهمها عودة الألقاب.

وهنا يُمكن للدولة أن تُنشئ كيان رسمي يضع القواعد، ويمنح ألقاب حقيقية تُعطي قيمة رسمية حقيقية لمن يستحقها بالفعل، مثل منح لقب “فارس” لمن يتطوع ببناء مُستشفى، أو مدرسة أونصاب معين من عمل الخير ، ومنح لقب “عالم” لمن يُقدم إسهام فكري مُعين، ومنح لقب ” عادل” لمن يُسهم في حل مُشكلات الناس، وهكذا يُمكن أن تكون الألقاب دافع لكي يُسهم كل شخص بُمساهمة وطنية حقيقية فيما يُمكنه القيام به مُقابل اكتسابه قيمة اجتماعية تُناسب دوره الفعلي، لتخف حدة الرغبة في لقب نائب دون دراية أو رغبة في مُمارسة دور تشريعي حقيقي، سيما وأن المُمارسة التشريعية غير الجادة يترتب عليها أضرار جسيمة بالوطن وبمصالح المواطنين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

زر الذهاب إلى الأعلى